قلت : الاستمتاع بالشيء : هو أن يتمتع به، فينال به ما يطلبه ويريده ويهواه، ويدخل في ذلك استمتاع الرجال بالنساء بعضهم ببعض كما قال :﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةًّ ﴾ [ النساء : ٢٤ ]. ومن ذلك الفواحش، كاستمتاع الذكور بالذكور والإناث بالإناث.
ويدخل في هذا : الاستمتاع بالاستخدام وأئمة الرياسة كما يتمتع الملوك والسادة بجنودهم ومماليكهم، ويدخل في ذلك : الاستمتاع بالأموال كاللباس، ومنه قوله :﴿ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ ﴾ [ البقرة : ٢٣٦ ] وكان من السلف من يمتع المرأة بخادم فهي تستمتع بخدمته، ومنهم من يمتع بكسوة أو نفقة؛ ولهذا قال الفقهاء : أعلى المتعة خادم، وأدناها كسوة تجزي فيها الصلاة.
وفي الجملة، استمتاع الإنس بالجن والجن بالإنس يشبه استمتاع الإنس بالإنس، قال تعالى :﴿ الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [ الزخرف : ٦٧ ]، وقال تعالى :﴿ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَاب ﴾ [ البقرة : ١٦٦ ]، وقال مجاهد : هي المودَّات التي كانت لغير اللّه، وقال الخليل :﴿ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا ﴾ [ العنكبوت : ٢٥ ]، وقال تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾ [ الجاثية : ٢٣ ] فالمشرك يعبد ما يهواه. واتباع الهوى هو استمتاع من صاحبه بما يهواه. وقد وقع في الإنس والجن هذا كله.