والله ـ تعالى ـ بعث الرسل بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، والنبي ﷺ دعا الخلق بغاية الإمكان، ونقل كل شخص إلى خير مما كان عليه بحسب الإمكان، ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [ الأحقاف : ١٩ ]. وأكثر المتكلمين يردون باطلاً بباطل، وبدعة ببدعة، لكن قد يردون باطل الكفار من المشركين وأهل الكتاب بباطل المسلمين، فيصير الكافر مسلمًا مبتدعًا، وأخص من هؤلاء من يرد البدع الظاهرة ـ كبدعة الرافضة ـ ببدعة أخف منها ـ وهي بدعة أهل السنة- وقد ذكرنا فيما تقدم أصناف البدع.
ولا ريب أن المعتزلة خير من الرافضة ومن الخوارج؛ فإن المعتزلة تقر بخلافة الخلفاء الأربعة، وكلهم يتولون أبا بكر وعمر وعثمان، وكذلك المعروف عنهم أنهم يتولون عليًا، ومنهم من يفضله على أبي بكر وعمر، ولكن حكى عن بعض متقدميهم أنه قال : فسق يوم الجمل إحدى الطائفتين، ولا أعلم عينها. وقالوا : إنه قال : لو شهد علي والزبير لم أقبل شهادتهما لفسق أحدهما لا بعينه، ولو شهد على مع آخر ففي قبول شهادته قولان، وهذا القول شاذ فيهم، والذي عليه عامتهم تعظيم على.