قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم : ولا أعلم في هذا الحرف اختلافًا بين المفسرين، وروى بإسناده عن أبي رَوْق، عن ابن عباس : وغير طريق الضالين وهم النصارى الذين أضلهم اللّه بفريتهم عليه، يقول : فألهمنا دينك الحق ـ وهو لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ـ حتى لا تغضب علينا كما غضبت على اليهود، ولا تضلنا كما أضللت النصارى فتعذبنا كما تعذبهم، يقول : امنعنا من ذلك برفقك ورحمتك ورأفتك وقدرتك. قال ابن أبي حاتم : ولا أعلم في هذا الحرف اختلافًا بين المفسرين، وقد قال سفيان بن عيينة : كانوا يقولون : من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عُبَّادنا ففيه شبه من النصارى.
فأهل الكلام أصل أمرهم هو النظر في العلم ودليله، فيعظمون العلم وطريقه، وهو الدليل، والسلوك في طريقه، وهو النظر.
وأهل الزهد يعظمون الإرادة والمريد، وطريق أهل الإرادة. فهؤلاء يبنون أمرهم على الإرادة، وأولئك يبنون أمرهم على النظر، وهذه هي القوة العلمية، ولابد لأهل الصراط المستقيم من هذا وهذا، ولابد أن يكون هذا وهذا موافقًا لما جاء به الرسول.
فالإيمان قول وعمل وموافقة السنة، وأولئك عظموا النظر وأعرضوا عن الإرادة، وعظموا جنس النظر ولم يلتزموا النظر الشرعي، فغلطوا من جهة كون جانب الإرادة لم يعظموه، وإن كانوا يوجبون الأعمال الظاهرة، فهم لا يعرفون أعمال القلوب وحقائقها، ومن جهة أن النظر لم يميزوا فيه بين النظر الشرعي الحق الذي أمر به الشارع وأخبر به، وبين النظر البدعي الباطل المنهي عنه.