وهذا كقوله في القرآن في قوله :﴿ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [ الأنفال : ١٤ ]، قال الوالبي عن ابن عباس :﴿ يَوْمَ الْفُرْقَانِ ﴾ : يوم بَدْر، فرق اللّه فيه بين الحق والباطل.
قال ابن أبي حاتم : وروى عن مجاهد ومِقْسَم وعبيد اللّه بن عبد اللّه والضحاك وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك، وبذلك فسر أكثرهم ﴿ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ﴾ [ الأنفال : ٢٩ ]، كما في قوله :﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ [ الطلاق : ٢ ]، أي : من كل ما ضاق على الناس، قال الوالبي عن ابن عباس في قوله :﴿ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ﴾ [ الأنفال : ٢٩ ] أي : مخرجا، قال ابن أبي حاتم : وروى عن مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي ومقاتل بن حيان كذلك، غير أن مجاهدًا قال : مخرجًا في الدنيا والآخرة. وروى عن الضحاك عن ابن عباس قال : نصرًا، قال : وفي آخر قول ابن عباس والسدي : نجاة.
وعن عُرْوَة بن الزبير :﴿ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ﴾ أي : فصلا بين الحق والباطل، يظهر اللّه به حقكم ويطفئ به باطل من خالفكم، وذكر البغوي عن مقاتل بن حيان قال : مخرجًا في الدنيا من الشبهات، لكن قد يكون هذا تفسيرًا لمراد مقاتل بن حيان، كما ذكر أبو الفرج ابن الجوزي عن ابن عباس، ومجاهد وعكرمة، والضحاك وابن قتيبة أنهم قالوا : هو المخرج. ثم قال : والمعنى : يجعل لكم مخرجًا في الدنيا من الضلال، وليس مرادهم، وإنما مرادهم المخرج المذكور في قوله :﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ [ الطلاق : ٢ ]، والفرقان المذكور في قوله :﴿ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ ﴾ [ الأنفال : ١٤ ].


الصفحة التالية
Icon