هذه تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد فى طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ.
منها قوله :﴿ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ﴾ [ المائدة : ٦٠ ]، والصواب عطفه على قوله :﴿ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ ﴾ [ المائدة : ٦٠ ]، فعل ماض معطوف على ما قبله من الأفعال الماضية، لكن المتقدمة الفاعل الله، مظهراً أو مضمراً، وهذا الفعل اسم من عبد الطاغوت وهو الضمير فى عبد، ولم يعد حرف ( من ) لأن هذه الأفعال لصنف واحد وهم اليهود.
وَقَال شَيْخ الإسْلاَم ـ رَحمه اللّه :

فصل


قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا ﴾ الآية [ المائدة : ٨٧، ٨٨ ].
ومن المشهور ـ فى التفسير ـ أنها نزلت بسبب جماعة من الصحابة، كانوا قد عزموا على الترهب، وفى الصحيحين عن أنس : أن رجالا سألوا أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، عن عبادته فى السر، فَتَقَالُّوا ذلك، وذكر الحديث.
وفي الصحيحين عن سعد قال : رد النبى ﷺ على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاخْتَصَيْنَا. وعن عكرمة أن علي بن أبى طالب وابن مسعود وعثمان بن مظعون والمقداد وسالما ـ مولى أبي حذيفة ـ فى أصحاب لهم تبتلوا، فجلسوا فى البيوت. واعتزلوا النساء، ولبسوا المسوح، وحرموا الطيبات من الطعام واللباس، إلا ما يأكل ويلبس أهل السياحة من بني إسرائيل وهموا بالاختصاء، وأجمعوا لقيام الليل وصيام النهار، فنزلت هذه الآية. وكذلك ذكر سائر المفسرين ما يشبه هذا المعنى.
وقد ذم اللّه الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وذم الذين يتبعون الشهوات، والذين يريدون أن يميلوا ميلا عظيما، ويريدون ميل المؤمنين ميلا عظيما، وذم الذين اتبعوا ما أتْرِفُوا فيه، والذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام.


الصفحة التالية
Icon