وكذلك الأحاديث الصحيحة، كقول أحدهم : لا أتزوج النساء وقول الآخر : لا آكل اللحم ـ كما في حديث أنس المتقدم ـ وهذا مما يدل على أن صوم الدهر مكروه، وكذلك مداومة قيام الليل.

فصل


وهذا الذي جاءت به شريعة الإسلام هو الصراط المستقيم، وهو الذي يصلح به دين الإنسان، كما قال النبى ﷺ :( أعدل الصيام صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً )، وفي رواية صحيحة :( أفضل ) والأفضل هو الأعدل الأقوم. وهذا القرآن يهدي للتى هي أقوم، وهي وسط بين هذين الصنفين؛ أصحاب البدع وأصحاب الفجور أهل الإسراف والتقشف الزائد.
ولهذا كان السلف يحذرون من هذين الصنفين. قال الحسن : هو المبتدع في دينه والفاجر فى دنياه، وكانوا يقولون : احذروا صاحب الدنيا أغوته دنياه، وصاحب هوى متبع لهواه، وكانوا يأمرون بمجانبة أهل البدع والفجور.
فالقسم الأول : أهل الفجور، وهم المترفون المنعمون، أوقعهم فى الفجور ما هم فيه.
والقسم الثانى : المترهبون، أوقعهم فى البدع غلوهم وتشديدهم، هؤلاء استمتعوا بخلاقهم، وهؤلاء خاضوا كما خاض الذين من قبلهم، وذلك أن الذين يتبعون الشهوات المنهى عنها أو يسرفون فى المباحات ويتركون الصلوات والعبادات المأمور بها يستحوذ عليهم الشيطان والهوى فينسيهم اللّه والدار الآخرة، ويفسد حالهم، كما هو مشاهد كثيراً منهم.


الصفحة التالية
Icon