وحكايتهم في هذا أكثر من أن يحكى بسطها فى كتاب، وعندهم من الفواحش الباطنة والظاهرة ما لا يوجد عند غيرهم، وخيار من فيهم يميل إلى الأحداث والغناء والسماع؛ لما يجدون في ذلك من راحة النفوس، ولو اتبعوا السُّنَّة لاستراحوا من ذلك.
قال أبو سعيد الخراز لما قال له الشيطان فى المنام : لي فيكم لطيفتان : السماع وصحبة الأحداث. قال أبو سعيد : قَلَّ من ينجو منها من أصحابنا، حتى لقوة محبة نفوسهم صار ذلك ممتزجاً بطريقهم إلى الله؛ فإن أحدهم يجد فى نفسه عند مشاهدة الشاهد من الرغبة فيما اعتاده من العبادة والزهادة ما لا يجدها بدون ذلك، وعنده في نفسه عند سماع القصائد من الشوق والرغبة والنشاط ما لا يجده عند سماع القرآن، فصاروا في شبهة وشهوة، لم يكتف الشيطان منهم بوقوعهم فى الأمور المحرمة، التى تفتنهم، حتى جعلهم يعتبرون ذلك عبادة، كالذين قال الله فيهم :﴿ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا ﴾ الآية [ الأعراف : ٢٨ ]، وهؤلاء الذين أضاعوا الصلاة واتَّبَعُوا الشهوات.
وإذا وقعوا فى السماع وقعوا فيه بشوق ورغبة قوية، ومحبة تامة، وبذلوا فيه أنفسهم وأموالهم، فقد يبذلون فيه نساءهم وأبناءهم، ويدخلون في الدياثة لأغراضهم، فيأتي أحدهم بولده فيهبه للشيخ يفعل ما أراد هو ومن يلوذ به، ويسمونه حواراً، وإن كان حسن الصورة استأثر به الشيخ دونهم، ويعد أهله ذلك بركة حصلت له من الشيخ، ويرتفع الحياء بين أم الصبى وأبيه وبين الفقراء.