قوله :﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ ﴾ فهذا تحريم خاص، ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [ الأنعا م : ١٥١ ]، هذا مطلق، ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ [ الأنعام : ١٥٢ ] هذا مقيد؛ فإن يتامى المشركين أهل الحرب يجوز غنيمة أموالهم، لكن قد يقال : هذا أخذ وقربان بالتى هى أحسن، إذا فسر الأحسن بأمر الله ورسوله، ﴿ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ﴾ [ الأنعام : ١٥٢ ]، هذا مقيد بمن يستحق ذلك ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ ﴾ [ الأنعام : ١٥٢ ]، هذا مطلق.
﴿ وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ﴾ [ الأنعام : ١٥٢ ]، فالوفاء واجب، لكن يميز بين عهد الله وغيره، ويفرق بين ما يسكت عنه الإنسان وبين ما يلفظ به، ويفعله ويأمر به، ويفرق بين ما قدره اللّه، فحصل بسببه خير، وبين ما يؤمر به العبد، فيحصل بسببه خير.
وقَال شَيخ الإسْلام ـ رَحمه اللّه :

فصل


قوله ـ تعالى علواً كبيراً :﴿ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [ المائدة : ١٠٥ ]، لا يقتضى ترك الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، لا نهياً ولا إذناً، كما في الحديث المشهور فى السنن عن أبى بكر الصديق ـ رضى اللّه عنه ـ أنه خطب على منبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال : أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها فى غير موضعها، وإني سمعت رسول اللّه ﷺ يقول :( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك أن يَعُمَّهُم اللّه بعقاب منه ).


الصفحة التالية
Icon