وأما قول إبراهيم ـ عليه السلام :﴿ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء ﴾ [ إبراهيم : ٣٩ ]، فالمراد بالسمع هاهنا : السمع الخاص، وهو سمع الإجابة والقبول، لا السمع العام؛ لأنه سميع لكل مسموع. وإذا كان كذلك، فالدعاء ـ دعاء العبادة ودعاء الطلب ـ وسمع الرب ـ تعالى ـ له إثابته على الثناء، وإجابته للطلب، فهو سميع هذا وهذا.
وأما قول زكريا ـ عليه السلام :﴿ وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾ [ مريم : ٤ ]، فقد قيل : إنه دعاء المسألة، والمعنى : أنك عودتنى إجابتك، ولم تشقنى بالرد والحرمان، فهو توسل إليه ـ سبحانه وتعالى ـ بما سلف من إجابته وإحسانه، وهذا ظاهر هاهنا.
وأما قوله تعالى :﴿ قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ ﴾ الآية [ الإسراء : ١١٠ ]، فهذا الدعاء، المشهور أنه دعاء المسألة، وهو سبب النزول. قالوا : كان النبي ﷺ يدعو ربه فيقول مرة :( يا الله )، ومرة :( يا رحمن ). فظن المشركون أنه يدعو إلهين؛ فأنزل الله هذه الآية.
وأما قوله :﴿ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [ الطور : ٢٨ ]، فهذا دعاء العبادة المتضمن للسلوك رغبة ورهبة، والمعنى : إنا كنا نخلص له العبادة؛ وبهذا استحقوا أن وقاهم الله عذاب السموم، لا بمجرد السؤال المشترك بين الناجى وغيره؛ فإنه ـ سبحانه ـ يسأله من في السموات/ والأرض :﴿ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا ﴾ [ الكهف : ١٤ ] أي : لن نعبد غيره. وكذا قوله :﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلًا ﴾ الآية [ الصافات : ١٢٥ ].


الصفحة التالية
Icon