وإذا كان كذلك، فقوله تعالى :﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ﴾ [ الأنعام : ٦٥ ]، مع ما قد ثبت فى الصحيحين عن جابر عن النبى ﷺ : أنه لما نزل قوله :﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ ﴾، قال :( أعوذ بوجهك )، ﴿ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾، قال :( أعوذ بوجهك )، ﴿ أّوً يّلًبٌسّكٍمً شٌيّعْا $ّيٍذٌيقّ بّعًضّكٍم بّأًسّ بّعًضُ ﴾، قال :( هاتان أهون ) يقتضى أن لبسنا شيعًا وإذاقة بعضنا بأس بعض هو من العذاب الذى يندفع بالاستغفار، كما قال :﴿ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ﴾ [ الأنفال : ٢٥ ]، وإنما تنفى الفتنة بالاستغفار من الذنوب والعمل الصالح.
وقوله تعالى :﴿ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ﴾ [ التوبة : ٣٩ ]، قد يكون العذاب من عنده، وقد يكون بأيدى العباد، فإذا ترك الناس الجهاد فى سبيل الله فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة، حتى تقع بينهم الفتنة كما هو الواقع، فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد فى سبيل الله جمع الله قلوبهم وأَلَّف بينهم، وجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم، / وإذا لم ينفروا فى سبيل الله عذبهم الله بأن يلبسهم شيعًا، ويذيق بعضهم بأس بعض.
وكذلك قوله :﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [ السجدة : ٢١ ]، يدخل فى العذاب الأدنى ما يكون بأيدى العباد، كما قد فسر بوقعة بدر بعض ما وعد الله به المشركين من العذاب.