فالمهتدون لما كانوا على هدي من ربهم ونور وبينة وبصيرة، صار / مكانة لهم استقروا علىها، وقد تحيط بهم، بخلاف الذين قال فيهم :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ على حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ على وَجْهِه ﴾ [ الحج : ١١ ]، فإن هذا ليس ثابتًا مستقرًا مطمئنًا، بل هو كالواقف على حرف الوادي وهو جانبه، فقد يطمئن إذا أصابه خير، وقد ينقلب على وجهه ساقطًا في الوادي.
وكذلك فرق بين من أسس بنيانه على تقوي من الله ورضوان، وبين من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، وكذلك الذين كانوا على شفا حفرة من النار فأنقذهم منها، وشواهد هذا كثير.
فقد تبين أن الرسول ومن اتبعه على بينة من ربهم وبصيرة، وهدي ونور، وهو الإيمان الذي في قلوبهم، والعلم والعمل الصالح، ثم قال :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ﴾ [ هود : ١٧ ]، والضمير في ﴿ مِّنْهُ ﴾ عائد إلى الله ـ تعالى ـ أي : ويتلو هذا الذي هو على بينة من ربه شاهد من الله، والشاهد من الله، كما أن البينة التي هو علىها المذكورة من الله ـ أيضًا.


الصفحة التالية
Icon