وكذلك الملائكة والمؤمنون، يشهدون بأن ما قاله الله فهو حق /، وأن الله صادق حكيم، لا يخبر إلا بصدق، ولا يأمر إلا بعدل ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً ﴾ [ الأنعام : ١١٥ ].
فقد تبين أن شهادة جبريل ومحمد هي شهادة القرآن، وشهادة القرآن هي شهادة الله ـ تعالى ـ والقرآن شاهد من الله، وهذا الشاهد يوافق ويتبع ذلك الذي على بينة من ربه، فإن البينة والبصيرة والنور والهدي الذي عليه النبي ﷺ والمؤمنون، قد شهد القرآن المنزل من الله بأن ذلك حق.
و ﴿ وَيَتْلُوهُ ﴾ معناه : يتبعه، كما قال :﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ﴾ [ البقرة : ١٢١ ]، أي : يتبعونه حق اتباعه، وقال :﴿ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴾ [ الشمس : ٢ ]، أي : تبعها، وهذا قَفَاه إذا تبعه. وقد قال :﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [ الإسراء : ٣٦ ]، فهذا الشاهد يتبع الذي على بينة من ربه، فيصدقه ويزكيه، ويؤيده ويثبته، كما قال :﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ [ النحل : ١٠٢ ]، وقال :﴿ وَكُلاًّ نَّقُصُّ عليكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [ هود : ١٢٠ ]، وقال :﴿ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ].
وقد سمي الله القرآن سلطانًا في غير موضع، فإذا كان السلطان المنزل من الله يتبع هذا المؤمن، كان ذلك مما يوجب قوته وتسلطه علمًا وعملاً، وقال :﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء
وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ الإسراء : ٨٢ ]، / ﴿ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ الآية [ التوبة : ١٢٤ ].