وقال جُنْدُب بن عبد الله، وعبد الله بن عمر : تعلَّمنا الإيمان، ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانًا، فهم كانوا يتعلمون الإيمان، ثم يتعلمون القرآن. وقال بعضهم في قوله :﴿ نُّورٌ على نُورٍ ﴾ [ النور : ٣٥ ]، قال : نور القرآن على نور الإيمان، كما قال :﴿ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا ﴾ [ الشوري : ٥٢ ]، وقال السُّدِّي في قوله :﴿ نُّورٌ على نُورٍ ﴾ نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا، فلا يكون واحد منهما إلا بصاحبه.
فتبين أن قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ [ هود : ١٧ ]، يعني هدي الإيمان، ﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ﴾ أي من الله، يعني : القرآن شاهد من الله يوافق الإيمان ويتبعه، وقال :﴿ وَيَتْلُوه ﴾ لأن الإيمان هو المقصود؛ لأنه إنما يراد بإنزال القرآن الإيمان وزيادته.
ولهذا كان الإيمان بدون قراءة القرآن ينفع صاحبه ويدخل به الجنة، والقرآن بلا إيمان لا ينفع في الآخرة؛ بل صاحبه منافق؛ كما في الصحيحين عن أبي موسى عن النبي ﷺ أنه قال :( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأُتْرجَّة، طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر/، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها ).