فقد تبين أن كلاهما من الله نور وهدي منه، هذا يعقل بالقلب، لما قد يشاهد من دلائل الإيمان، مثل دلائل الربوبية والنبوة، وهذا يسمع بالآذان، والإيمان الذي جعل للمؤمن هو مثل ما وعد الله به في قوله :﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [ فصلت : ٥٣ ]، أي : أن القرآن حق، فهذه الآيات متأخرة عن نزول القرآن، وهو مثل ما فعل من نصر رسوله والمؤمنين يوم بدر، وغير يوم بدر. فإنه آيات مشاهدة، صدقت ما أخبر به القرآن ـ ولكن ـ المؤمنون كانوا قد آمنوا قبل هذا.
وقيل : نزول أكثر القرآن الذي ثبت الله به لنبيه وللمؤمنين؛ ولهذا قال :﴿ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [ فصلت : ٥٣ ] فهو يشهد لرسوله بأنه صادق بالآيات الدالة على نبوته، وتلك آمن بها المؤمنون ثم أنزل من القرآن شاهدًا له، ثم أظهر آيات معاينة تبين لهم أن القرآن حق.
فالقرآن وافق الإيمان، والآيات المستقبلة وافقت القرآن والإيمان؛ ولهذا قال :﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَي إِمَامًا وَرَحْمَةً ﴾ [ هود : ١٧ ] فقوله :﴿ وَمِن قَبْلِهِ ﴾ : يعود الضمير إلى الشاهد الذي هو القرآن، كما قال تعالى :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ على مِثْلِهِ ﴾ الآية [ الأحقاف : ١٠ ]، ثم قال :﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً ﴾ الآية. فقوله :﴿ وَمِن قَبْلِهِ ﴾ الضمير يعود إلى القرآن. أي : من قبل القرآن، كما قاله ابن زيد. وقيل : يعود إلى الرسول، كما قاله مجاهد، وهما متلازمان.


الصفحة التالية
Icon