وقوله :﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى ﴾ فيه وجهان : قيل : هو عطف مفرد، وقيل : عطف جملة. قيل : المعنى :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ﴾، ويتلوه ـ أيضًا ـ من قبله كتاب موسى، فإنه شاهد بمثل ما شهد به القرآن، وهو شاهد من الله، وقيل :﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى ﴾ جملة، ولكن مضمون الجملة فيها تصديق القرآن، كما قال في الأحقاف.
وقوله تعالى :﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ يدل على أن قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ تتناول المؤمنين، فإنهم آمنوا بالكتاب الأول والآخر، كما تتناول النبي صلى الله عليه وسلم، وأولئك يعود إليهم الضمير، فإنهم مؤمنون به بالشاهد من الله، فالإيمان به إيمان بالرسول والكتاب الذي قبله.
ثم قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ﴾ [ هود : ١٧ ]، وروي الإمام أحمد، وابن أبي حاتم، وغيرهما عن أيوب عن سعيد بن جبير قال : ما بلغني حديث عن رسول الله ﷺ على وجه إلا وجدت تصديقه في كتاب الله، حتي بلغني أنه قال :( لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني، ثم لم يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار )، قال سعيد : فقلت : أين هذا في كتاب الله ؟ حتي أتيت على هذه الآية :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ﴾ قال : الأحزاب : هي الملل كلها.


الصفحة التالية
Icon