والمحذوف في مثل هذا النظم قد يكون غير ذلك، كقوله :﴿ أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ ﴾ [ الزخرف : ١٨ ] أي : تجعلون له من ينشأ في الحلية، ولابد من دليل على المحذوف، وقد يكون المحذوف مثل أن يقال : أفمن هذه حاله يذم أو يطعن عليه أو يعرض عن متابعته، أو يفتن أو يعذب، كما قال :﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء ﴾ [ فاطر : ٨ ].
وقد قيل في هذه الآية : أن المحذوف :﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ فرأى الباطل حقًا، والقبيح حسنًا، كمن هداه الله فرأي الحق حقًا والباطل باطلاً والقبيح قبيحًا والحسن حسنًا، وقيل : جوابه تحت قوله :﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عليهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾ [ فاطر : ٨ ]، لكن يرد عليه أن يقال : الاستفهام ما معناه إلا أن تقدر. أي : هذا تقدر أن تهديه، أو ربك ؟ أو تقدر أن تجزيه كما قال :﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عليه وَكِيلًا ﴾ [ الفرقان : ٤٣ ]. ولهذا قال :﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء ﴾ [ فاطر : ٨ ]. وكما قال :﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ على عِلْمٍ ﴾ الآية [ الجاثية : ٢٣ ]. وعلى هذا يكون معناها كمعنى قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ [ محمد : ١٤ ].