ومحمد هو الصادق المصدوق، قد أقام الله على صدقه براهين كثيرة /وصار محمد نفسه برهانًا. فأقام من البراهين على صدقه؛ فدليل الدليل دليل، وبرهان البرهان برهان، وكل آية له برهان، والبرهان اسم جنس لا يراد به واحد، كما في قوله :﴿ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [ البقرة : ١١١، والنمل : ٤٦ ]، ولو جاؤوا بعده ببراهين كانوا ممتثلين.
والمقصود أن ذلك البرهان يعلم بالعقل أنه دال على صدقه، وهو بينة من الله، كما قال قتادة، وحجة من الله، كما قال مجاهد والسُّدي : المؤمن على تلك البينة، ويتلوه شاهد من الله وهو النور الذي أنزله مع البرهان. والله أعلم.

فصل


وأما من قال :﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ [ محمد : ١٤ ] : إنه محمد صلي الله عليه وسلم، كما قاله طائفة من السلف، فقد يريدون بذلك التمثيل لا التخصيص، فإن المفسرين كثيرًا ما يريدون ذلك، ومحمد هو أول من كان على بينة من ربه، وتلاه شاهد منه، وكذلك الأنبياء، وهو أفضلهم وإمامهم، والمؤمنون تبع له، وبه صاروا على بينة من ربهم.


الصفحة التالية
Icon