والخطاب قد يكون لفظه له ومعناه عام، كقوله :﴿ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ﴾ [ يونس : ٩٤ ]، ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ [ الزمر : ٦٥ ]، ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ ﴾ [ الشرح : ٧ ]، ﴿ قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي ﴾ [ سبأ : ٥٠ ]، ونحو ذلك، وذلك أن الأصل فيما خوطب به النبي صلي الله عليه وسلم في كل ما أمر به ونهي عنه وأبيح له سار في حق أمته كمشاركة أمته له في الأحكام وغيرها، حتي يقوم دليل التخصيص، فما ثبت في حقه من الأحكام ثبت في حق الأمة إذا لم يخصص، هذا مذهب السلف والفقهاء، ودلائل ذلك كثيرة كقوله :﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ﴾ الآية [ الأحزاب : ٣٧ ]، ولما أباح له الموهوبة قال :﴿ خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ الآية [ الأحزاب : ٥٠ ].
فإذا كان هذا مع كون الصيغة خاصة فكيف تجعل الصيغة العامة له وللمؤمنين مختصة به ؟ ولفظ ﴿ ّمّن ﴾ : أبلغ صيغ العموم، لاسيما إذا كانت شرطًا أو استفهامًا، كقوله :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾ [ الزلزلة : ٧، ٨ ]، وقوله :﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ﴾ [ فاطر : ٨ ]، وقوله ﴿ أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ﴾ [ الأنعام : ١٢٢ ]، وقوله :﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ [ محمد : ١٤ ].


الصفحة التالية
Icon