وأيضًا، فقد ذكر بعد ذلك قوله :﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ﴾ [ هود : ١٧ ]، وذكر بعد هذا :﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ ﴾ [ هود : ٢٤ ]، وقد تقدم قبل هذا ذكر الفريقين، وقوله :﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ إشارة إلى جماعة، ولم يقدم قبل هذا ما يصلح أن يكون مشارًا إليه إلا ﴿ من ﴾، والضمير يعود تارة إلى لفظ :﴿ من ﴾، وتارة إلى معناها، كقوله :﴿ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ﴾ [ الأنعام : ٢٥ ]، ﴿ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ﴾ [ يونس : ٤٢ ]، ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى ﴾ [ النساء : ١٢٤ ]، ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ الآية [ النحل : ٩٧ ].
وأما الإشارة إلى معناها فهو أظهر من الضمير، فقوله :﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [ هود : ١٧ ] : دليل على أن الذي على بينة من ربه كثيرون لا واحد، قال ابن أبي حاتم : ثنا عامر بن صالح عن أبيه عن الحسن البصري :﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾. قال : المؤمن على بينة من ربه، وهذا الذي قاله الحسن البصري هو الصواب، والرسول هو أول المؤمنين، كما قال :﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ يونس : ١٠٤ ].


الصفحة التالية
Icon