ومن قال : إن الشاهد من الله هو محمد كما رواه ابن أبي حاتم، ثنا الأشَجُّ، ثنا أبو أسامة، عن عوف، عن سليمان الفلاني، عن الحسين بن علي :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ ﴾ يعني : محمدًا شاهدًا من الله، فهنا معنى كونه شاهدًا من الله هو معنى كونه رسول الله، وهو يشهد المؤمنين بأنهم على حق، وإن كان يشهد لنفسه بأنه رسول الله فشهادته لنفسه معلومة، قد علم أنه صادق فيها بالبراهين الدالة على نبوته، وأما شهادته للمؤمنين فهو أنها إنما تعلم من جهته بما بَلَغَه من القرآن، ويخبر به عن/ ربه، فهو إذا شهد كان شاهدًا من الله.
وأما شهادته عليهم بالإيمان والتصديق وغير ذلك، فكما في قوله :﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا ﴾ [ النساء : ٤١ ]، ﴿ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [ البقرة : ١٤٣ ]، لكن من قال هذا فقد يريد بالبينة القرآن، فإن المؤمن متبع للقرآن، ومحمد شاهد من الله يتلوه كما تلاه جبريل.
ومن قال : إن الشاهد لسان محمد فهو إنما أراد بهذا القول التلاوة أي : أن لسان محمد يقرأ القرآن، وهو شاهد منه أي من نفسه فإن لسانه جزء منه، وهذا القول ونحوه ضعيف، والله أعلم. هذا إن ثبت ذلك عمن نقل عنه، فإن هذا وضده ينقلان عن على بن أبي طالب.
وذلك أن طائفة من جُهَّال الشيعة ظنوا أن عليا هو الشاهد منه، أي من النبي صلي الله عليه وسلم، كما قال له :( أنت مني وأنا منك ).