والقرآن إنما مدح من كان على بينة من ربه، فهو على هدي ونور وبصيرة، سواء حفظ القرآن أو لم يحفظه، وإن أريد اتباع القرآن فهو الإيمان، وأكثر القرآن لم يكن نزل حين نزول هذه الآية، وقد تقدم إنما يختص به جبريل ومحمد، فهو تبليغ الرسالة عن الله وصدقهما في ذلك.
وأما كون رسالة الله حقًا فهذا هو المشهود به من كل رسول، وهما لا يختصان بذلك بل يؤمنان به كما يؤمن بذلك كل ملك وكل مؤمن، وشهادتهما بأن النبي والمؤمنين على حق من هذا الوجه الثاني المشترك، ولو قال : ويبلغه وينزل به رسول من الله لكان ما قالوه متوجهًا، كما قال :﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ ﴾ [ النحل : ١٠٢ ]، ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [ الشعراء : ١٣٩ ]، ﴿ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ ﴾ [ البقرة : ٩٧ ]. أما كونه شاهدًا يقرؤه فهذا لا نظير له في القرآن.
وأيضًا، فالشاهد الذي هو من الله هو الكلام، فإن الكلام نزل منه كما يعلمون أنه منزل من ربك بالحق، ويقال في الرسول : إنه منه، كما قال : رسول من الله، ويقَال في الشخص : الشاهد، فيقال فيه : هو من شهداء الله، وإما كونه يقال فيه : شاهد من الله إنها برهان من الله، وآيات من الله في الآيات التي يخلقها الله تصديقًا لرسوله : فهذا يحتاج استعماله إلى شاهد.


الصفحة التالية
Icon