والقرآن نزل بلغة قريش الموجودة في القرآن، فإنها تُفَسَّر بلغته المعروفة فيه، إذا وجدت لا يعدل عن لغته المعروفة مع وجودها، وإنما يحتاج إلى غير لغته في لفظ لم يوجد له نظير في القرآن، كقوله :﴿ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ ﴾ [ القصص : ٨٢ ]، ﴿ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴾ [ ص : ٣ ]، ﴿ وَكَأْسًا دِهَاقًا ﴾ [ النبأ : ٣٤ ]، ﴿ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴾ [ عبس : ٣١ ]، و ﴿ قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾ [ النجم : ٢٢ ]، ونحو ذلك من الألفاظ الغريبة في القرآن. والذين قالوا هذه الأقوال، إنما أتوا من جهة قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ ﴾ فظنوا أن تلاوته هي قراءته، ولم يتقدم للقرآن ذكر، ثم جعل هذا يقول : جبريل تلاه، وهذا يقول : محمد، وهذا يقول : لسانه. والتلاوة قد وجدت في القرآن واللغة المشهورة بمعنى الاتباع. وكثير من المفسرين لا يذكر في هذه الآية القول الصحيح، فيبقي الناظر الفطن حائرًا، / ولم يذكر في الذي على بَينةِ من ربه إلا أنه الرسول، ويذكر في الشاهد عدة أقوال.
ثم من العجب أنه يقول :﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ ﴾ أولئك أصحاب محمد.
وقيل : المراد الذين أسلموا من أهل الكتاب، وهو على ما فسره لم يتقدم لهم ذكر، فكيف يشار إليهم بقوله :﴿ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ وأبو الفرج ذكر قولا : أنهم المسلمون، ولم يذكر أن الآية تعم النبي والمؤمنين، ولما ذكر قول من قال : إنهم المسلمون قال : وهذا يخرج على قول الضحاك في البينة أنها رسول الله.
وقد ذكر في ( البينة ) أربعة أقوال : أنها الدين، ذكره أبو صالح عن ابن عباس. وأنها رسول الله، قاله الضحاك. وأنها القرآن، قاله ابن زيد. وأنها البيان، قاله مُقَاتِل.