وفي الثاني : يقال : آمنت بالله، فعلينا أن نؤمن له ونؤمن بما جاء به، والله ـ تعإلى ـ ذكر هذين. فذكر أولاً : ما يثبت نبوته وصدقه بقوله :﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ
وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ﴾ [ هود : ١٣، ١٤ ]، كما تقدم التنبيه على ذلك.
ولما كان الذي يمنع الإنسان من اتباع الرسول شيئان : إما الجهل، وإما فساد القصد، ذَكَرَ ما يزيل الجهل، وهو الآيات الدالة على صدقه، ثم ذَكَرَ أهل فساد القصد بقوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [ هود : ١٥، ١٦ ]، فهؤلاء أهل فساد القصد.
فهذان الأمران هما المانعان للخلق من اتباع هذا الرسول، كما أنه في البقرة ذكر ما يوجب العلم وحسن القصد، فقال :﴿ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾، ثم قال :﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [ البقرة : ٢٣، ٢٤ ].