إلى أن قال : ومن سلك مسلكهم غايته إذا عظم الأمر والنهى أن يقول ـ كما نقل عن الشاذلى [ هو أبو الحسن على بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف بن هرمز الشاذلى المغربى، رأس الطائفة الشاذلية، من المتصوفة، وصاحب الأوراد المسماة ـ حزب الشاذلى ـ ولد سنة ٥٩١ هـ، سكن شاذلة قرب تونس، فنسب إليها، وتوفى سنة ٦٥٦ هـ ] ـ يكون الجمع فى قلبك مشهوداً، والفرق على لسانك موجودا، كما يوجد فى كلامه وكلام غيره أقوال وأدعية تستلزم تعطيل الأمر والنهى، مما يوجب أن يجوز عنده أن يجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض، ويدعون بأدعية فيها اعتداء، كما فى حزب الشاذلي. وآخرون من عوامهم يجوزون أن يكرم الله بكرامات الأولياء لمن هو فاجر وكافر، ويقولون : هذه موهبة، ويظنونها من الكرامات وهى من الأحوال الشيطانية التى يكون مثلها للسحرة والكهان، كما قال تعالى :﴿ وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ ﴾ إلى قوله :﴿ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾ [ البقرة : ١٠١، ١٠٢ ]، وصح قوله :( لتتبعن سنن من كان قبلكم ).
فعدل كثير من المنتسبين إلى الإسلام إلى أن نبذ القرآن وراء ظهره، واتبع ما تتلو الشياطين فلا يعظم أمر القرآن ونهيه ولا يوالى من أمر القرآن بموالاته، ولا يعادى من أمر القرآن بمعاداته بل يعظم من يأتى ببعض الخوارق.
ثم منهم من يعرف أنه من الشياطين لكن يعظمه لهواه، ويفضله على طريقة القرآن، وهؤلاء كفار، قال الله ـ تعالى ـ فيهم :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ﴾ إلخ [ النساء : ٥١ ].


الصفحة التالية
Icon