ثم ذكر حال الفريقين فى السراء والضراء، فقال :﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ
لَيَئُوسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [ هود : ٩ ـ ١١ ]
ثم ذكر بعد هذا قصص الأنبياء، وحال من اتبعهم ومن كذبهم، / كيف سعد هؤلاء فى الدنيا والآخرة، وشقى هؤلاء فى الدنيا والآخرة، فذكر ما جرى لهم، إلى قوله :﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ﴾ إلى قوله :﴿ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ﴾ [ هود : ١٠٠ـ١٠٣ ].
ثم ذكر حال الذين سعدوا، والذين شقوا، ثم قال :﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ﴾ [ هود : ١٠٣ ]، فإنه قد يقال : غاية ما أصاب هؤلاء أنهم ماتوا والناس كلهم يموتون، وإما كونهم أُهْلِكُوا كلهم وصارت بيوتهم خاوية، وصاروا عِبْرَةَ يذكرون بالشر ويلعنون، إنما يخاف ذلك من آمن بالآخرة، فإن لعنة المؤمنين لهم بالآخرة، وبغضهم لهم كما جرى لآل فرعون ـ هو ـ مما يزيدهم عذابًا، كما أن لسان الصدق وثناء الناس ودعاءهم للأنبياء، واتباعهم لهم هو مما يزيدهم ثوابًا.
فمن استدل بما أصاب هؤلاء على صدق الأنبياء فآمن بالآخرة خاف عذاب الآخرة، وكان ذلك له آية، وأما من لم يؤمن بالآخرة ويظن أن من مات لم يبعث، فقد لا يبالى بمثل هذا، وإن كان يخاف هذا من لا يخاف الآخرة، لكن كل من خاف الآخرة كان هذا حاله وذلك له آية.