سورة يوسف
وقال شيخ الإسلام ـ رَحِمهُ الله ـ :
فَصْل
قول يوسف ﷺ لما قالت له امرأة العزيز :﴿ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [ يوسف : ٢٣ ]، المراد بربه فى أصح القولين هنا : سيده، وهو زوجها الذى اشتراه من مصر، الذى قال لامرأته :﴿ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [ يوسف : ٢١ ]، قال الله تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [ يوسف : ٢١ ].
فلما وصى به امرأته فقال لها :﴿ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ﴾، قال يوسف :﴿ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ ؛ ولهذا قال :﴿ إنَّهٍ لا يٍفًلٌحٍ بظَّالٌمٍون ﴾ والضمير فى :﴿ إِنَّهُ ﴾ معلوم بينهما، وهو سيدها.
وأما قوله تعالى :﴿ لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ [ يوسف : ٢٤ ]، فهذا خبر من الله ـ تعالى ـ أنه رأى برهان ربه، وربه هو الله كما قال لصاحبى السجن :﴿ ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ
مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ﴾ [ يوسف : ٣٧ ]، وقوله :﴿ رَبِّي ﴾ مثل قوله لصاحب الرؤيا :﴿ ذًكٍرًنٌي عٌندّ رّبٌَك ﴾، قال تعالى :﴿ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ﴾ [ يوسف : ٢٤ ]، قيل : أنْسِىَ يوسف ذكر ربه، لَمَّا قال :﴿ اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ ﴾.