فإن قيل : لا رَيْب أن يوسف سَمَّى السيد رَبا فى قوله :﴿ اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ ﴾ و ﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ﴾ ونحو ذلك، وهذا كان جائزًا فى شرعه، كما جاز فى شرعه أن يسجد له أبواه وإخوته، وكما جاز فى شرعه أن يؤخذ السارق عبدًا، وإن كان هذا منسوخًا فى شرع محمد ﷺ.
وقوله :﴿ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ [ يوسف : ٢٣ ]، إن أراد به السيد فلا جناح عليه، لكن معلوم أن ترك الفاحشة خوفًا لله واجب ولو رضى سيدها، ويوسف ـ عليه السلام ـ تركها خوفًا من الله. ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾، قال تعالى :﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [ يوسف : ٢٤ ]، وقال يوسف ـ أيضًا ـ ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [ يوسف : ٣٣، ٣٤ ]، فدل على أنه كان معه من خوف الله ما يزعه عن الفاحشة، ولو رضى بها الناس، وقد دعا ربه ـ عز وجل ـ أن يصرف عنه كَيْدَهُنَّ.