وإن قيل : هذا قد لا يُمَكِّن زوج المرأة أن يحترز منه، والجار عليه حق زائد على حق الأجنبى، فكيف إذا ظلم فى أهله والجيران يأمن بعضهم بعضًا، ففى هذا من الظلم أكثر مما فى غيره، وجاره يجب عليه أن يحفظ امرأته من غيره، فكيف يفسدها هو.
فلما كان الزنا بالمرأة المزوجة له علتان كل منهما تستقل بالتحريم، مثل لحم الخنزير الميت، عَلَّلَ يوسف ذلك بحق الزوج، وإن كان كل من الأمرين مانعًا له، وكان فى تعليله بحق الزوج فوائد :
منها : أن هذا مانع تعرفه المرأة وتعذره به، بخلاف حق الله ـ تعالى ـ فإنها لا تعرف عقوبة الله فى ذلك.
ومنها : أن المرأة قد ترتدع بذلك، فترعى حق زوجها، إما /خوفًا وإما رعاية لحقه، فإنه إذا كان المملوك يمتنع عن هذا رعاية لحق سيده؛ فالمرأة أولى بذلك؛ لأنها خائنة فى نفس المقصود منها، بخلاف المملوك، فإن المطلوب منه الخدمة، وفاحشته بمنزلة سرقة المرأة من ماله.
ومنها : أن هذا مانع مُؤْْيس لها فلا تطمع فيه لا بنكاح ولا بِسِفَاح، بخلاف الخَلِىَّة من الزوج، فإنها تطمع فيه بنكاح حلال.
ومنها : أنه لو علل بالزنا فقد تسعى هى فى فراق الزوج، والتزوج به، فإن هذا إنما يحرم لحق الزوج خاصة ؛ ولهذا إذا طلقت امرأته باختياره جاز لغيره أن يتزوجها، ولو طلقها ليتزوج بها ـ كما قال سعد بن الربيع لعبد الرحمن بن عَوْف ٍ : إن لى امرأتين فاختر أيتهما شئت حتى أطلقها وتتزوجها ـ لكنه بدون رضاه لا يحل، كما فى المسند عن النبى ﷺ أنه قال :( ليس مِنَّا من خَبَّبَ امرأة على زوجها، ولا عبدًا على مواليه ) [ قوله : خَبَّب : أى خدع وأفسد ]، وقد حَرَّمَ النبي ﷺ أن يَخْطِب الرجل على خِطْبَة أخيه، ويَسْتَام على سَوْمِ أخيه، فإذا كان بعد الخِطْبَةِ وقبل العقد لا يحل له أن يطلب التزوج بامرأته فكيف بعد العقد، والدخول والصحبة ؟ !