فلو علل بأن هذا زنا مَحَرَّم ربما طمعت فى أن تفارق الزوج وتتزوجه، فإن كَيْدَهُنَّ عظيم، وقد جرى مثل هذا. فلما علل بحق / سيده وقال :﴿ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾، يئست من ذلك، وعلمت أنه يراعى حق الزوج، فلا يزاحمه فى امرأته البتة، ثم لو قدر مع هذا أن الزوج رضى بالفاحشة وأباح امرأته، لم يكن هذا مما يبيحها لحق الله ولحقه ـ أيضًا ـ فإنه ليس كل حق للإنسان له أن يسقطه، ولا يسقط بإسقاطه، وإنما ذاك فيما يباح له بذله، وهو ما لا ضرر عليه فى بذله، مثل ما يعطيه من فضل مال ونفع.
وأما ما ليس له بذله فلا يباح بإباحته، كما لو قال له : علمنى السحر والكفر والكهانة، وأنت فى حل من إضلالى، أو قال له : بِعْنى رقيقًا وخذ ثمنى، وأنت فى حل من ذلك.
وكذلك إذا قال : افعل بى أو بابنتى أو بامرأتى أو بإمائى الفاحشة، لم يكن هذا مما يسقط حقه فىه بإباحته، فإنه ليس له بذل ذلك، ومعلوم أن الله يعاقبها على الفاحشة وإن تراضيا بها، لكن المقصود أن فى ذلك ـ أيضًا ـ ظلمًا لهذا الشخص لا يرتفع بإباحته، كظلمه إذا جعله كافرًا أو رقيقًا، فإن كونه يفعل به الفاحشة أو بأهله، فيه ضرر عليه لا يملك إباحته؛ كالضرر عليه فى كونه كافرًا، وهو كما لو قال له : أَزِلْ عقلى وأنت فى حل من ذلك؛ فإن الإنسان لا يملك بذل ذلك، بل هو ممنوع من ذلك، كما يمنع السفيه من التصرف فى ماله، أو إسقاط حقوقه، وكذلك المجنون والصغير؛ فإن هؤلاء محجور عليهم لحقهم.


الصفحة التالية
Icon