وإذا كان هذا فى فعل الفاحشة؛ فغيرها من الذنوب أعظم، مثل الظلم العظيم للخلق، كقتل النفس المعصومة، ومثل الإشراك بالله، ومثل القول على الله بلا علم. قال تعالى :﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [ الأعراف : ٣٣ ]، فهذه أجناس المحرمات التى لا تباح بحال، ولا فى شريعة، وما سواها ـ وإن حرم فى حال ـ فقد يباح فى حال.

فصل


واختيار النبي ﷺ له ولأهله الاحتباس في شعب بني هاشم بضع سنين، لا يبَايعُون ولا يشَارون؛ وصبيانهم يتَضَاغُون من الجوع، قد هجرهم وقَلاهُم قومهم، وغير قومهم. هذا أكمل من حال يوسف عليه السلام.
فإن هؤلاء كانوا يدعون الرسول إلى الشرك، وأن يقول على اللّه غير الحق. يقول : ما أرسلني ولا نهي عن الشرك، وقد قال تعالى :﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً ﴾ [ الإسراء : ٧٣ ـ ٧٧ ].


الصفحة التالية
Icon