ويوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يذكر اللّه ـ تعإلى ـ عنه في القرآن أنه فعل مع المرأة ما يتوب منه، أو يستغفر منه أصلا. وقد اتفق الناس على أنه لم تقع منه الفاحشة، ولكن بعض الناس يذكر أنه وقع/منه بعض مقدماتها، مثل ما يذكرون أنه حل السراويل، وقعد منها مقعد الخاتن ونحو هذا، وما ينقلونه في ذلك ليس هو عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا مستند لهم فيه إلا النقل عن بعض أهل الكتاب، وقد عُرِفَ كلام اليهود في الأنبياء وغَضِّهِم منهم، كما قالوا في سليمان ما قالوا، وفي داود ما قالوا، فلو لم يكن معنا ما يرد نقلهم لم نصدقهم فيما لم نعلم صدقهم فيه، فكيف نصدقهم فيما قد دل القرآن على خلافه.
والقرآن قد أخبر عن يوسف من الاستعصام والتقوي والصبر في هذه القضية؛ ما لم يذكر عن أحد نظيره، فلو كان يوسف قد أذنب؛ لكان إما مُصِرا وإما تائباً، والإصرار ممتنع، فتعين أن يكون تائباً. واللّه لم يذكر عنه توبة في هذا ولا استغفاراً، كما ذُكِرَ عن غيره من الأنبياء، فدل ذلك على أن ما فعله يوسف كان من الحسنات المبرورة، والمساعي المشكورة، كما أخبر اللّه عنه بقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [ يوسف : ٩٠ ].