فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ } [ الصف : ١٠-١٤ ].
وذكر بعد آيات الجهاد إنزال الكتاب على رسول اللّه ليحكم بين الناس بما أراه اللّه، ونهيه عن ضد ذلك، وذكره فضل الله عليه ورحمته فى حفظه، وعصمته من إضلال الناس له، وتعليمه ما لم يكن يعلم، وذم من شاق الرسول واتبع غير سبيل المؤمنين، وتعظيم أمر الشرك، وشديد خطره وأن اللّه لا يغفره ولكن يغفر ما دونه لمن يشاء ـ إلى أن بين أن أحسن الأديان دينُ من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا، بشرط أن تكون عبادته بفعل الحسنات التى شرعها، لا بالبدع والأهواء، وهم أهل ملة إبراهيم، الذين اتبعوا ملة إبراهيم حنيفا ﴿ وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾ [ النساء : ١٢٥ ].
فكان فى الأمر بطاعة الرسول والجهاد عليها اتباع التوحيد، وملة إبراهيم. وهو إخلاص الدين للّه، وأن يعبد الله بما أمر به على ألسن رسله من الحسنات.
وقد ذكر ـ تعالى ـ فى ضمن آيات الجهاد ذَمَّ من يخاف العدو، ويطلب الحياة، وبين أن ترك الجهاد لا يدفع عنهم الموت، بل أينما كانوا أدركهم الموت، ولو كانوا فى بروج مُشَيَّدة. فلا ينالون بترك الجهاد منفعة، بل لا ينالون إلا خسارة الدنيا والآخرة، فقال تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾ [ النساء : ٧٧ ].


الصفحة التالية
Icon