وذلك يتعلق بتحقيق الألوهية لله وتوحيده، وامتناع الشرك، وفساد السموات والأرض بتقدير إله غيره، والفرق بين الشرك في الربوبية والشرك في الألوهية، وبيان أن العباد فطروا على الإقرار به ومحبته وتعظيمه، وأن القلوب لا تصلح إلا بأن تعبد الله وحده، ولا/ كمال لها ولا صلاح ولا لذة ولا سرور ولا فرح ولا سعادة بدون ذلك، وتحقيق الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وغير ذلك مما يتعلق بهذا الموضع الذي في تحقيقه تحقيق مقصود الدعوة النبوية، والرسالة الإلهية، وهو لُبُّ القرآن وزبدته، وبيان التوحيد العلمي القولي، المذكور في قوله :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ [ الإخلاص : ١، ٢ ]، والتوحيد القصدي العملي المذكور في قوله تعالى :﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ [ الكافرون : ١ ]، وما يتصل بذلك، فإن هذا بيان لأصل الدعوة إلى الله وحقيقتها ومقصودها.
لكن المقصود في الجواب ذكر ذلك على طريق الإجمال؛ إذ لا يتسع الجواب لتفضيل ذلك، وكل ما أحبه الله ورسوله من واجب ومستحب، من باطن وظاهر فمن الدعوة إلى الله الأمر به، وكل ما أبغضه الله ورسوله من باطن وظاهر، فمن الدعوة إلى الله النهي عنه لا تتم الدعوة إلى الله إلا بالدعوة إلى أن يفعل ما أحبه الله، ويترك ما أبغضه الله، سواء كان من الأقوال أو الأعمال الباطنة أو الظاهرة، كالتصديق بما أخبر به الرسول ﷺ من أسماء الله وصفاته، والمعاد وتفصيل ذلك، وما أخبر به عن سائر المخلوقات : كالعرش، والكرسي، والملائكة، والأنبياء، وأممهم، وأعدائهم؛ وكإخلاص الدين لله، وأن يكون الله ورسوله أحب إلينا مما سواهما، وكالتوكل عليه، والرجاء لرحمته، / وخشية عذابه، والصبر لحكمه، وأمثال ذلك، وكصدق الحديث، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، وكالجهاد في سبيله بالقلب واليد واللسان.