وقد تبين بهذا أن الدعوة إلى الله تجب على كل مسلم، لكنها فرض على الكفاية، وإنما يجب على الرجل المعين من ذلك ما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره، وهذا شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ ما جاء به الرسول، والجهاد في سبيل الله، وتعليم الإيمان والقرآن.
وقد تبين بذلك أن الدعوة نفسها أمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، فإن الداعي طالب مستدع مقتض لما دعي إليه، وذلك هو الأمر به؛ إذ الأمر هو طلب الفعل المأمور به، واستدعاء له ودعاء إليه، فالدعاء / إلى الله الدعاء إلى سبيله، فهو أمر بسبيله، وسبيله تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر.
وقد تبين أنهما واجبان على كل فرد من أفراد المسلمين، وجوب فرض الكفاية، لا وجوب فرض الأعيان، كالصلوات الخمس، بل كوجوب الجهاد.
والقيام بالواجبات، من الدعوة الواجبة وغيرها يحتاج إلى شروط يقام بها، كما جاء في الحديث : ينبغي لمن أمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، أن يكون فقيهًا فيما يأمر به، فقيهًا فيما ينهي عنه، رفيقًا فيما يأمر به، رفيقًا فيما ينهي عنه، حليمًا فيما يأمر به، حليما فيما ينهي عنه، فالفقه قبل الأمر ليعرف المعروف وينكر المنكر، والرفق عند الأمر ليسلك أقرب الطرق إلى تحصيل المقصود، والحلم بعد الأمر ليصبر على أذي المأمور المنهي، فإنه كثيرًا ما يحصل له الأذى بذلك.