سورة الحجر
وقال شيخ الإِسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني ـ قدس الله روحه، ونور ضريحه، ورحمه :
فصل
في آيات ثلاث متناسبة متشابهة اللفظ والمعني، يخفي معناها على أكثر الناس.
قوله تعالى :﴿ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [ الحجر : ٤١، ٤٢ ].
وقوله تعالى :﴿ وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ ﴾ [ النحل : ٩ ].
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ﴾ [ الليل : ١٢، ١٣ ].
فلفظ هذه الآيات فيه أن السبيل الهادي هو على الله.
وقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي في الآية الأولي ثلاثة أقوال، بخلاف الآيتين الأخريين، فإنه لم يذكر فيهما إلا قولا واحدًا. فقال في تلك الآية : اختلفوا في معنى هذا الكلام على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه يعني بقوله هذا : الإخلاص. فالمعنى أن الإخلاص طريق إلى مستقيم، و ( علي ) بمعنى ( إلي ).
والثاني : هذا طريق على جوازه، لأني بالمرصاد فأجازيهم بأعمالهم. وهو خارج مخرج الوعيد، كما تقول للرجل تخاصمه : طريقك علي، فهو كقوله :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [ الفجر : ١٤ ].
والثالث : هذا صراط على استقامته، أي : أنا ضامن لاستقامته بالبيان والبرهان. قال : وقرأ قتادة، ويعقوب :( هَذَا صرِاَطٌ على ) أي : رفيع.
قلت : هذه الأقوال الثلاثة قد ذكرها مَنْ قبله، كالثعلبي، والواحدي، والبغوي، وذكروا قولا رابعًا. فقالوا ـ واللفظ للبغوي، وهو مختصر الثعلبي :
قال الحسن : معناه صراط إلى مستقيم. وقال مجاهد : الحق يرجع إلي، وعليه طريقه لا يعرج على شيء.
وقال الأخفش : يعني على الدلالة على الصراط المستقيم.