وقال السدى :﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ ﴾ : قالوا : والحسنة؛ الخصب؛ ينتج خيولهم وأنعامهم ومواشيهم، ويحسن حالهم، وتلد نساؤهم الغلمان قالوا :﴿ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ﴾ قالوا ـ والسيئة : الضرر فى أموالهم، تشائما بمحمد ـ قالوا :﴿ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ ﴾ يقولون : بتركنا ديننا، واتباعنا محمداً أصابنا هذا البلاء، فأنزل الله ﴿ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ ﴾ الحسنة والسيئة ﴿ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ قال القرآن.
وقال الوالبى عن ابن عباس :﴿ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ قال : ما فتح الله عليك يوم بدر، وكذلك قال الضحاك.
وقال الوالبى أيضا عن ابن عباس :﴿ مِنْ حَسَنَةٍ ﴾ قال : ما أصاب من الغنيمة والفتح فمن الله، قال :( والسيئة ) ما أصابه يوم أحد؛ إذ شُجّ فى وجهه، وكسرت رَبَاعيتَهُ.
وقال : أما ( الحسنة ) فأنعم اللّه بها عليك، وأما ( السيئة ) فابتلاك الله بها.
وروى ـ أيضا ـ عن حجاج عن عطية عن ابن عباس :﴿ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ قال : هذا يوم بَدْر ﴿ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾ قال : هذا يوم أُحُد. يقول : ما كان من نَكْبَة فمن ذنبك، وأنا قدرت ذلك عليك.
وكذلك روى ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن أبى صالح :﴿ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾ قال : فبذنبك، وأنا قدرتها عليك. روى هذه الآثار ابن أبى حاتم وغيره.
وروى ـ أيضًا ـ عن مُطرِّف بن عبد اللّه بن الشِّخِّير قال : ما تريدون من القدر ؟ أما تكفيكم هذه الآية التى فى سورة النساء :﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ ﴾ ؟ [ النساء : ٧٨ ] أي : من نفسك، واللّه ما وكلوا إلى القدر، وقد أمروا به، وإليه يصيرون.