وكذلك فى تفسير أبى صالح عن ابن عباس :﴿ إِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ ﴾ : الخصب والمطر ﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ﴾ : الجدب والبلاء.
وقال ابن قتيبة :﴿ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ﴾ قال : الحسنة النعمة، والسيئة : البلية.
وقد ذكر أبو الفرج فى قوله :﴿ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ ﴾ و ﴿ مِن سَيِّئَةٍ ﴾ ثلاثة أقوال :
أحدها : أن الحسنة : ما فتح الله عليهم يوم بدر، والسيئة : ما أصابهم يوم أحد. قال : رواه ابن أبى طلحة ـ وهو الوالبى ـ عن ابن عباس.
قال : والثانى : الحسنة : الطاعة، والسيئة : المعصية. قاله أبو العالية.
والثالث : الحسنة : النعمة، والسيئة : البلية. قاله ابن مُنَبِّه. قال : وعن أبى العالية نحوه. وهو أصح.
قلت : هذا هو القول المعروف بالإسناد عن أبي العالية، كما تقدم من تفسيره المعروف الذى يروى عنه هو وغيره، من طريق أبى جعفر الدارى عن الربيع بن أنس عنه وأمثاله.
وأما الثانى فهو لم يذكر إسناده، ولكن ينقل من كتب المفسرين الذين يذكرون أقوال السلف بلا إسناد، وكثير منها ضعيف، بل كذب لا يثبت عمن نقل عنه. وعامة المفسرين المتأخرين ـ أيضا ـ يفسرونه على مثل أقوال السلف، وطائفة منهم تحملها على الطاعة والمعصية.
فأما الصنف الأول، فهى تتناوله قطعا. كما يدل عليه لفظها وسياقها ومعناها وأقوال السلف.
وأما المعنى الثانى، فليس مراداً دون الأول قطعاً، ولكن قد يقال : إنه مراد مع الأول؛ باعتبار أن ما يهديه اللّه إليه من الطاعة هو نعمة فى حقه من اللّّه أصابته، وما يقع منه من المعصية هو سيئة أصابته، ونفسه التى عملت السيئة. وإذا كان الجزاء من نفسه، فالعمل الذى أوجب الجزاء أولى أن يكون من نفسه.


الصفحة التالية
Icon