وكذلك ذكر ابن أبي حاتم عن السلف أنهم فسروا آية النحل. فروي من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله :﴿ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾ [ النحل : ٩ ]، قال : طريق الحق على الله. قال : وروي عن السدي أنه قال : الإسلام. وعطاء قال : هي طريق الجنة.
فهذه الأقوال ـ قول مجاهد، والسدي، وعطاء ـ في هذه الآية هي مثل قول مجاهد، والحسن، في تلك الآية.
وذكر ابن أبي حاتم من تفسير العوفي، عن ابن عباس، في قوله :/ ﴿ وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾، يقول : على الله البيان ـ أن يبين الهدي والضلالة.
وذكر ابن أبي حاتم في هذه الآية قولين، ولم يذكر في آية الحجر إلا قول مجاهد فقط.
وابن الجوزي لم يذكر في آية النحل إلا هذا القول الثاني، وذكره عن الزجاج، فقال :﴿ وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾، القصد : استقامة الطريق، يقال : طريق قَصْدٍ، وقاصد، إذا قصد بك إلى ما تريد، قال الزجاج : المعني : وعلى الله تبيين الطريق المستقيم، والدعاء إليه بالحجج والبراهين.
وكذلك الثعلبي، والبغوي، ونحوهما، لم يذكروا إلا هذا القول لكن ذكروه باللفظين.
قال البغوي : يعني بيان طريق الهدي من الضلالة. وقيل : بيان الحق بالآيات والبراهين.
قال : والقصد : الصراط المستقيم، ﴿ وَمِنْهَا جَآئِرٌ ﴾ : يعني : ومن السبيل ما هو جائر عن الاستقامة معوج. فالقصد من السبيل : دين الإسلام، والجائر منها : اليهودية، والنصرانية، وسائر ملل الكفر.
قال جابر بن عبد الله : قصد السبيل : بيان الشرائع والفرائض. وقال عبد الله بن المبارك، وسهل بن عبد الله : قصد السبيل : السنة، ﴿ وَمِنْهَا جَآئِرٌ ﴾ : الأهواء والبدع. دليله : قوله تعالى :﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [ الأنعام : ١٥٣ ].


الصفحة التالية
Icon