وأما الثعلبي، والواحدي، والبغوي، وغيرهم، فذكروا القولين وزادوا أقوالاً أخر. فقالوا ـ واللفظ للبغوي :﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾، يعني البيان. قال الزجاج : علينا أن نبين طريق الهدي من طريق الضلالة. وهو قول قتادة، قال : على الله بيان حلاله وحرامه.
وقال الفراء : يعني من سلك الهدي فعلى الله سبيله، كقوله تعالي :﴿ وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾، يقول : من أراد الله فهو على السبيل القاصد.
قال : وقيل معناه : إن علينا للهدي والإضلال، كقوله :﴿ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾ [ آل عمران : ٢٦ ].
قلت : هذا القول هو من الأقوال المحدثة التي لم تعرف عن السلف، وكذلك ما أشبهه. فإنهم قالوا : معناه بيدك الخير والشر، والنبيصلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح يقول :( والخير بيديك، والشر ليس إليك ).
والله ـ تعالى ـ خالق كل شيء، لايكون في ملكه إلا ما يشاء، والقدر حق. لكن فهم القرآن، ووضع كل شيء موضعه، وبيان حكمة الرب وعدله مع الإيمان بالقدر، هو طريق الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
وقد ذكر المهدوي الأقوال الثلاثة، فقال : إن علينا للهدي / والضلال. فحذَّف قتادة. المعنى : إن علينا بيان الحلال والحرام.
وقيل : المعنى : إن علينا أن نهدي من سلك سبيل الهدى.
قلت : هذا هو قول الفراء، لكن عبارة الفراء أبين في معرفة هذا القول.
فقد تبين أن جمهور المتقدمين فسروا الآيات الثلاث بأن الطريق المستقيم لا يدل إلا على الله. ومنهم من فسرها بأن عليه بيان الطريق المستقيم. والمعنى الأول متفق عليه بين المسلمين.


الصفحة التالية
Icon