سورة النحل
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله :
فصل
اللباس له منفعتان :
إحداهما : الزينة بستر السوءة.
والثانية : الوقاية لما يضر من حر أو برد أو عدو.
فذكر اللباس في ( سورة الأعراف ) لفائدة الزينة، وهي المعتبرة في الصلاة والطواف، كما دل عليه قوله :﴿ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [ الأعراف : ٣١ ]، وقال :﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا ﴾ [ الأعراف : ٦٢ ]، وقال :﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ [ الأعراف : ٣٢ ]، ردًا علي ما كانوا عليه في الجاهلية من تحريم الطواف في الثياب الذي قدم بها غير الحُمْسِ [ الحُمْسُ : قريش؛ لأنهم كانوا يتشددون في دينهم وشجاعتهم، وقيل : كانوا لا يستظلون أيام مني ولا يدخلون البيوت من أبوابها ]، ومن أكل ما سلوه من الأدهان.
وذكره في النحل لفائدة الوقاية في قوله :﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴾ [ النحل : ٨١ ]، ولما كانت هذه الفائدة حيوانية طبيعية لا قوَامَ للإنسان إلا بها جعلها من النعم، ولما كانت تلك فائدة كمالية قرنها بالأمر الشرعي، وتلك الفائدة من باب جلب المنفعة بالتزين، وهذه من باب دفع المضرة، فالناس إلي هذه أحوج.