منها : بطلان قول من زعم خلقه في جسم كالجهمية من المعتزلة وغيرهم، فإن السلف يسمون من قال بخلقه ونفي الصفات والرؤية جهميا، فإن جهمًا أول من ظهرت عنه بدعة نفي الأسماء والصفات وبالغ في ذلك، فله مزية المبالغة والابتداء بكثرة إظهاره، وإن كان جعد سبقه إلي بعض ذلك، لكن المعتزلة وإن وافقوه في البعض فهم يخالفونه في مثل مسائل الإيمان والقدر وبعض الصفات، وجهم يقول : إن الله لا / يتكلم، أو يتكلم مجازا، وهم يقولون : يتكلم حقيقة، ولكن قولهم في المعني قوله، وهو ينفي الأسماء كالباطنية والفلاسفة.
ومنها : بطلان قول من زعم أنه فاض من العقل الفعال أو غيره، وهذا أعظم كفرًا وضلالا من الذي قبله.
ومنها : إبطال قول الأشعرية : إن كلام الله معني وهذا العربي خلق ليدل عليه، سواء قالوا : خلق في بعض الأجسام، أو ألهمه جبريل، أو أخذه من اللوح، فإن هذا لابد له من متكلم تكلم به أولا، وهذا يوافق قول من قال : إنه مخلوق، لكن يفارقه من وجهين :
أحدهما : أن أولئك يقولون : المخلوق كلام الله، وهؤلاء يقولون : إنه كلام مجازًا، وهذا أشر من قول المعتزلة، بل هو قول الجهمية المحضة، لكن المعتزلة يوافقونهم في المعني.
الثاني : أنهم يقولون : لله كلام قائم بذاته، والخلقية يقولون : لا يقوم بذاته؛ فإن الكُلاَّبية خير منهم في الظاهر، لكن في الحقيقة لم يثبتوا كلاما له غير المخلوق.