وقال :
فَصل
في طريقتي العلم والعمل
قال اللّه تعالى لموسي وهارون :﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [ طه : ٤٤ ]، وقال في السورة بعينها :﴿ كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا ﴾ إلى قوله :﴿ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ﴾ [ طه : ٩٩ ـ١١٣ ].
فذكر في كل واحدة من الرسالتين العظيمتين ـ رسالة موسي ورسالة محمد ـ أن ذلك لأجل التذكر أو الخشية، ولم يقل : ليتذكر ويخشي، ولا قال : ليتقون ويحدث لهم ذكراً، بل جعل المطلوب أحد الأمرين، وهذا مطابق لقوله :﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [ النحل : ١٢٥ ]، ونحو ذلك.
وقد قال عمر بن الخطاب ـ رضي اللّه عنه : نعم العبد صهيب، لو لم يخف اللّه لم يعصه، وذلك يرجع إلى تحقيق قوله :﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [ الفاتحة : ٧ ]، وقوله :﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [ العصر : ٣ ]، وقوله :﴿ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴾ [ ص : ٤٥ ]، وقوله :﴿ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [ البقرة : ٥ ]، وقوله :﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ﴾ [ القمر : ٤٧ ]، وقوله :﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ الآية [ طه : ١٢٣، ١٢٤ ]، ونحو ذلك.