فلهذا إذا كان في مقام الذم والنهي، والاستعاذة، كان الذم والنهي لكل منهما : من الضلال، والغي، من الجهل والظلم، من الضلال والغضب؛ ولأن كلا منهما صار مكروها مطلوب العدم، لا سيما وهو مستلزم للآخر، وأما في مقام الحمد والطلب ومنة اللّه فقد يطلب أحدهما، وقد يطلب كل منهما، وقد يحمد أحدهما، وقد يحمد كل منهما؛ لأن كلا منهما خير مطلوب محمود، وهو سبب لحصول الآخر، لكن كمال الصلاح يكون بوجودهما جميعاً، وهذا قد يحصل له إذا حصل أحدهما ولم يعارضه معارض، والداعي للخلق الآمر لهم يسلك بذلك طريق الرفق واللين، فيطلب أحدهما؛ لأنه مطلوب في نفسه، وهو سبب للآخر، فإن ذلك أرفق من أن يأمر العبد بهما جميعا، فقد يثقل ذلك عليه، والأمر بناء والنهي هدم، والأمر هو يحصل العافية بتناول الأدوية، والنهي من باب الحمية، والبناء والعافية تأتي شيئاً بعد شيء، وأما الهدم فهو أعجل، والحمية أعم، وإن كان قد يحصل فيهما / ترتيب ـ أيضاً ـ فكيف إذا كان كل واحد من الأمرين سبباً وطريقاً إلى حصول المقصود مع حصول الآخر.


الصفحة التالية
Icon