وحينئذ، فالذي يجب أن يقال : إنه لم يثبت أنه لغة قريش، بل ولا لغة سائر العرب : أنهم ينطقون في الأسماء المبهمة إذا ثنيت بالياء، وإنما قال ذلك من قاله من النحاة قياساً، جعلوا باب التثنية في الأسماء المبهمة كما هو في سائر الأسماء، وإلا فليس في القرآن شاهد يدل على ما قالوه، وليس في القرآن اسم مبهم مبني في موضع نصب أو خفض إلا هذا، ولفظه :﴿ هَذَانِ ﴾، فهذا نقل ثابت متواتر لفظاً ورسماً.
ومن زعم أن الكاتب غلط فهو الغالط غلطاً منكراً، كما قد بُسِطَ في غير هذا الموضع، فإن المصحف منقول بالتواتر، وقد كتبت عدة مصاحف، وكلها مكتوبة بالألف، فكيف يتصور في هذا غلط.
وأيضاً، فإن القراء إنما قرؤوا بما سمعوه من غيرهم، والمسلمون كانوا يقرؤون ( سورة طه )، على عهد رسول اللّه ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وهي من أول ما نزل من القرآن، قال ابن مسعود : بنو إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء من العِتَاق الأُوَل، وهُنَّ من تِلادي. رواه البخاري عنه. وهي مكية باتفاق الناس، قال أبو الفرج وغيره : هي مكية بإجماعهم، بل هي من أول ما نزل، وقد روي : أنها كانت مكتوبة عند أخت عمر، وأن سبب إسلام عمر كان لما بلغه إسلام أخته، وكانت السورة تُقْرَأ عندها.