والتحقيق : أنه لا ينفع ولا يضر مطلقًا، فإن الله ـ سبحانه ـ وسعت رحمته كل شىء وهو ينعم على كثير من خلقه وإن لم يعبدوه، فنفعه للعباد لا يختص بعابديه، وإن كان فى هذا تفصيل ليس هذا موضعه، وما دونه لا ينفع لا من عبده ولا من لم يعبده؛ وهو ـ سبحانه ـ الضار النافع قادر على أن يضر من يشاء، وإن كان ما ينزله من الضر بعابديه هو رحمة فى حقهم، كما قال أيوب :﴿ مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [ الأنبياء : ٣٨ ]، وقال تعالى :﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ ﴾ [ يونس : ١٠٧ ]، وقال ـ أيضًا ـ لرسوله محمد ﷺ :﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ ﴾ [ الأعراف : ١٨٨ ]، وقال تعالى :﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ]، وهو ـ سبحانه ـ يحدث ما يحدثه من الضرر بمن لا يوصف بمعصية من الأطفال والمجانين والبهائم؛ لما فى ذلك من الحكمة والنعمة / والرحمة، كما هو مبسوط فى غير هذا الموضع.
فإن المقصود هنا أن نفى الضر والنفع عمن سواه عام لا يجب أن يخص هذا بمن عبده، وهذا بمن لم يعبده، وإن كان هذا التخصيص حقًا باعتبار صحيح، وجواب من أجاب بأن معناه لا يضر ترك عبادته، وضره بعبادته أقرب من نفعه مبنى على هذا التخصيص.