قال تعالى :﴿ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَّ ﴾ [ النور : ١ ]، ففرضها بالبينات والتقدير لحدود الله التى من يتعد حلالها إلى الحرام فقد ظلم نفسه، ومن قرب من حرامها فقد اعتدى وتعدى الحدود، وبيَّن فيها فرض العقوبة للزانيين مائة جلدة، وبيَّن فيها فريضة الشهادة على الزنا، وأنها أربع شهادات، وكذلك فريضة شهادة المتلاعنين كل منهما يشهد أربع شهادات بالله، ونهى فيها عن تعدى حدوده فى الفروج والأعراض والعورات، وطاعة ذى السلطان سواء كان فى منزله أو فى ولايته، ولا يخرج ولا يدخل إلا بإذنه، إذ الحقوق نوعان : نوع لله فلا يتعدى حدوده، ونوع للعباد فيه أمر فلا يفعل إلا بإذن المالك، وليس لأحد أن يفعل شيئًا فى حق غيره إلا بإذن الله، وإن لم يأذن المالك فإذن الله هو الأصل، وإذن المالك حيث أذن الله وجعل له الإذن فيه.
ولهذا ضمنها الاستئذان فى المساكن والمطاعم، والاستئذان فى/ الأمور الجامعة كالصلاة والجهاد ونحوهما، ووسطها بذكر النور الذى هو مادة كل خير وصلاح كل شىء، وهو ينشأ عن امتثال أمر الله واجتناب نهيه، وعن الصبر على ذلك، فإنه ضياء، فإن حفظ الحدود بتقوى الله يجعل الله لصاحبه نورًا، كما قال تعالى :﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ [ الحديد : ٢٨ ].