قلت : وقد قرن الله ـ سبحانه ـ فى كتابه فى غير موضع بين أهل الهدى والضلال، وبين أهل الطاعة والمعصية بما يشبه هذا، كقوله تعالى ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ ﴾ [ فاطر : ١٩ـ ٢٢ ]، وقال :﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ﴾ الآية [ هود : ٢٤ ]، وقال فى المنافقين :/ ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً ﴾ الآيات [ البقرة : ١٧ ]، وقال :﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ الآية [ البقرة : ٢٥٧ ]، وقال :﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [ إبراهيم : ١ ]، والآيات فى ذلك كثيرة.
وهذا النور الذى يكون للمؤمن فى الدنيا على حسن عمله واعتقاده يظهر فى الآخرة، كما قال تعالى :﴿ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ﴾ الآية [ التحريم : ٨ ]، فذكر النور هنا عقيب أمره بالتوبة، كما ذكره فى سورة النور عقيب أمره بغض البصر، وأمره بالتوبة فى قوله :﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [ النور : ٣١ ]، وذكر ذلك بعد أمره بحقوق الأهلين والأزواج وما يتعلق بالنساء؛ وقال فى سورة الحديد :﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم ﴾ الآيات، إلى قوله فى المنافقين :﴿ مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [ الحديد : ١٢ـ ١٥ ].


الصفحة التالية
Icon