ولهذا كان مستحقًا للهجر إذا أعلن بدعة أو معصية أو فجورًا أو تهتكًا، أو مخالطة لمن هذا حاله بحيث لا يبالى بطعن الناس عليه، فإن/ هجره نوع تعزير له، فإذا أعلن السىئات أعلن هجره، وإذا أسر أسر هجره، إذ الهجرة هى الهجرة على السيئات، وهجرة السيئات هجرة ما نهى الله عنه، كما قال تعالى :﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [ المدثر : ٥ ]، وقال تعالى :﴿ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [ المزمل : ١٠ ]، وقال :﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ﴾ [ النساء : ١٤٠ ].
وقد روى عن عمر بن الخطاب : أن ابنه عبد الرحمن لما شرب الخمر بمصر، وذهب به أخوه إلى أمير مصر عمرو بن العاص ليجلده الحد، جلده الحد سرًا، وكان الناس يجلدون علانية، فبعث عمر بن الخطاب إلى عمرو ينكر عليه ذلك، ولم يعتد عمر بذلك الجلد حتى أرسل إلى ابنه فأقدمه المدينة فجلده الحد علانية، ولم ير الوجوب سقط بالحد الأول، وعاش ابنه بعد ذلك مدة ثم مرض ومات، ولم يمت من ذلك الجلد، ولا ضربه بعد الموت، كما يزعمه الكذَّابون.