بل قد ينتهى النظر والمباشرة بالرجل إلى الشرك، كما قال تعالى :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ ﴾ [ البقرة : ١٦٥ ]، ولهذا لا يكون عشق الصور إلا من ضعف محبة الله وضعف الإيمان، والله ـ تعالى ـ إنما ذكره فى القرآن عن امرأة العزيز المشركة، وعن قوم لوط المشركين، والعاشق المتيم يصير عبدًا لمعشوقه، منقادًا له، أسير القلب له.
وقد جمع النبى ﷺ ذكر الحدود إن حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله فيما رواه أبو داود عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :[ من حالت شفاعته دون حد / من حدود الله فقد ضاد الله فى أمره، ومن خاصم فى باطل وهو يعلم لم يزل فى سخط الله حتى ينزع، ومن قال فى مسلم ما ليس فيه حُبِسَ فى رَدْغَة الخَبَال حتى يخرج مما قال ] [ ردْغة الخبال : جاء تفسيرها فى الحديث أنها عصارة أهل النار، والردْغة ـ بسكون الدال وفتحها : طين ووحل كثير ]، فالشافع فى تعطيل الحدود مضاد لله فى أمره؛ لأن الله أمر بالعقوبة على تعدى الحدود، فلا يجوز أن تأخذ المؤمن رأفة بأهل البدع والفجور والمعاصى والظلمة.
وجماع ذلك كله فيما وصف الله به المؤمنين حيث قال :﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [ المائدة : ٥٤ ] وقال :﴿ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ﴾ [ الفتح : ٢٩ ]، فإن هذه الكبائر كلها من شعب الكفر، ولم يكن المسلم كافرًا بمجرد ارتكاب كبيرة، ولكنه يزول عنه


الصفحة التالية
Icon