وقوله تعالى :﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ﴾ [ النور : ٢٦ ] فأخبر ـ تعالى ـ أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين، فلا تكون خبيثة لطيب، فإن ذلك خلاف الحصر، فلا / تنكح الزانية الخبيثة إلا زانيًا خبيثًا، وأخبر أن الطيبين للطيبات، فلا يكون الطيب لامرأة خبيثة، فإن ذلك خلاف الحصر ؛ إذ قد ذكر أن جميع الخبيثات للخبيثين، فلا تبقى خبيثة لطيب ولا طيب لخبيثة. وأخبر أن جميع الطيبات للطيبين فلا تبقى طيبة لخبيث، فجاء الحصر من الجانبين موافقًا لقوله :﴿ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ النور : ٣ ] ؛ ولهذا قال من قال من السلف : ما بغت امرأة نبى قط، فإن هذه السورة نزل صدرها بسبب أهل الإفك وما قالوه فى عائشة ؛ ولهذا لما قيل فيها ما قيل، وصارت شبهة، استشار النبى ﷺ من استشاره فى طلاقها قبل أن تنزل براءتها، إذ لا يصلح له أن تكون امرأته غير طيبة. وقد روى أنه :( لا يدخل الجنة ديوث ) والديوث : الذى يقر السوء فى أهله.
ولهذا كانت الغيرة على الزنا مما يحبها الله وأمر بها، حتى قال النبى ﷺ : أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغير منه، والله أغير منى، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) ؛ ولهذا أذن الله للقاذف إذا كان زوجها أن يلاعن؛ فيشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، وجعل ذلك يدفع عنه حد القذف، كما لو أقام على ذلك أربعة شهود؛ لأنه محتاج إلى قذفها لأجل ما أمر الله به من/ الغيرة؛ ولأنها ظلمته بإفساد فراشه، وإن كانت قد حبلت من الزنا فعليه اللعان لينفى عنه النسب الباطل؛ لئلا يلحق به ما ليس منه.


الصفحة التالية
Icon